
بدأت حين توقفت عن الهروب
من هنا بدأت الحكاية
حياتي مع الخوف
وُلدت في قلب حرب.
لم تكن الأيام الأولى من حياتي سوى سلسلة من الأصوات العالية، الطائرات، الانفجارات، والقلق…
كنت طفلًا صغيرًا لا يفهم ما يجري،
لكني كنت أشعر بكل شيء.
كان قلبي ينبض برعبٍ صامت،
وكل مرة أسمع فيها دويًا في السماء،
كنت أرتجف في داخلي، دون أن أعرف لماذا.
الخوف صار صديقي
كبرت، وكبر الخوف معي.
لم تكن المدرسة مكانًا آمنًا،
ولا الشارع، ولا حتى البيت.
كنت أذهب وأعود وأنا أتساءل:
هل سأصل إلى البيت اليوم؟
هل سيبقى كل شيء على حاله؟
هذه الأسئلة سكنت رأسي قبل أن أتعلّم جدول الضرب.
رغبة في التميّز... أم بحث عن الانتماء؟
في سن السابعة، بدأت أقلّد الكبار،
أحاول أن أكون مثلهم، أتكلم مثلهم، أتصرف مثلهم،
كنت أبحث عن شيء يجعلني “موجودًا”،
عن إحساس بالقيمة…
عن معنى.
لكنّي كنت أشعر أن هناك شيئًا مختلفًا داخلي.
شيئًا لا يشبههم.
شيئًا لم أفهمه بعد، لكنه كان حيًا في قلبي.
البوابة التي فتحتني على الوعي
في عمر السادسة عشرة،
بدأت أبحث عن “السر”.
ما سر الحياة؟
ما معنى أن أكون إنسانًا؟
لماذا أشعر أن هذا العالم لا يكفي؟
بدأت أقرأ، أشاهد، أكتب،
أغوص في عوالم الروح، والفكر، والوجود.
وكل معلومة كانت تضيء شيئًا في داخلي
لم أكن أعلم أنه كان مظلمًا.
خارجياً: نجاح… داخلياً: شيء ناقص
كنت أدرس الإخراج وأعمل في المجال الذي أحب،
انتقلت من العراق إلى دبي،
عملت مع شركات كبيرة، كسبت المال،
وصلت إلى ما يراه البعض “نجاحًا”.
لكن في داخلي،
كان هناك شيء ناقص.
صوت يهمس لي: هذه ليست حقيقتك.
كنت أبحث عن مكان لا أحتاج فيه أن أُثبت نفسي،
بل أن أكون نفسي.
التحوّل الحقيقي بدأ حين توقّفت عن التمثيل
استقلت من ثلاث وظائف، واحدة تلو الأخرى.
كل مرة كنت أقترب فيها من القمة…
كنت أشعر أنني أبتعد عن ذاتي.
حتى أدركت أن أعظم نجاح…
هو أن تعيش متصلًا بنفسك، لا متفوقًا على الآخرين.
ومن هنا... وُلدت عين الروح
"عين الروح" لم تولد في لحظة إلهام،
بل في لحظة صدق.
هي نتيجة كل تلك اللحظات التي شعرت فيها أني غريب،
كل تلك الأسئلة التي لم أجد لها جوابًا،
كل تلك الأصوات التي خفت أن أسمعها.
هي مساحة...
لمن تعب من التمثيل.
لمن سئم من الهروب.
لمن يبحث عن نفسه، لا عن نسخته الأفضل.